لم يكن من المتوقّع قبل عقود أن تكون الجراحة مفتاح الشفاء التام من مرض السكري من النوع الثاني، ولكن هذا ما أثبتته الأبحاث العلمية منذ منتصف التسعينيات. ففي عام 1995 نُشر بحث مهم في واحدة من أكبر مجلات جراحات السمنة، كشف ولأول مرة عن العلاقة المباشرة بين جراحة تحويل المسار وبين اختفاء مرض السكري تمامًا لدى المرضى.
دراسة غيّرت مفهوم علاج السكري
اعتمد هذا البحث التاريخي على متابعة ما يقارب 600 مريض أجروا عملية تحويل المسار، وتمت مراقبتهم لمدة 14 عامًا. وكانت النتائج مذهلة:
معظم المرضى تعافوا بشكل كامل من السكري بدون أي أدوية، مع ضبط مستويات سكر الصيام والهيموجلوبين التراكمي في الحدود الطبيعية تمامًا.
قبل هذه الدراسات… السكري كان مرضًا بلا شفاء
كان الاعتقاد الطبي السائد أن مريض السكري سيبقى مريضًا مدى الحياة مهما التزم بالأدوية أو بالنظام الغذائي. لم تكن هناك أي طريقة معروفة للشفاء التام… إلى أن جاءت هذه الدراسة التي قلبت المفاهيم رأسًا على عقب وأثبتت أن السكري مرض قابل للشفاء جراحيًا.
بل إن بحثًا آخر نُشر في نفس المجلة طرح السؤال العلمي بشكل مباشر:
“هل مرض السكري مرض جراحي؟”
رابط البحث:
https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/1632685/
كيف تؤدي عمليات تحويل المسار إلى الشفاء من مرض السكري؟
لفهم السر وراء هذا التأثير، ظهرت نظريتان رئيسيتان تم إثباتهما لاحقًا:
1. نظرية القناة الهضمية العلوية (Foregut Theory)
تقول هذه النظرية إن عدم مرور الطعام في الجزء الأول من الأمعاء الدقيقة يؤدي إلى تحفيز إفراز هرمون GLP-1، وهو هرمون يساعد على تنظيم مستوى السكر وتحسين حساسية الجسم للإنسولين.
2. نظرية القناة الهضمية السفلية (Hindgut Theory)
تشير هذه النظرية إلى أنّ وصول الطعام سريعًا إلى الجزء الأخير من الأمعاء يحفّز إفراز هرمون GIP، الذي يلعب دورًا مهمًا في تحسين التمثيل الغذائي للسكر.
وقد أثبتت الأبحاث أن كلتا النظريتين صحيحتان، وأنهما تعملان معًا لشفاء السكري بعد جراحات السمنة.
لماذا تُعتبر تحويل المسار والسادي SADI-S الأكثر فعالية؟
لأن هذه العمليات تجمع بين التأثيرين معًا:
- الطعام لا يمر بالجزء الأول من الأمعاء → إفراز GLP-1
- الطعام يصل بسرعة للجزء الأخير → إفراز GIP
وبذلك يحدث التأثير المزدوج الذي يعطي نسبة شفاء مرتفعة جدًا.
أين تقف عملية الساسي SASI؟
في الساسي، يمر الطعام عبر المسار الطبيعي في الجزء الأول من الأمعاء، بينما جزء منه فقط يتجه مباشرة إلى الجزء الأخير عبر التوصيلة الجانبية.
هذا يعني أنّ الساسي تعتمد على تأثير واحد فقط (Hindgut)، وبالتالي يكون تأثيرها على علاج السكري أضعف مقارنة بتحويل المسار والسادي SADI-S.
الخلاصة
- الأبحاث العلمية أثبتت أن جراحات السمنة—وخاصة تحويل المسار و السادي SADI-S—لها القدرة على الشفاء التام من السكري من النوع الثاني.
- هذه العمليات تغيّر منظومة الهرمونات الهضمية المسؤولة عن تنظيم السكر، مما يؤدي إلى تصحيح مسار المرض وليس مجرد السيطرة عليه.
- لذلك بدأت النظرة الحديثة تتعامل مع السكري كمرض قابل للشفاء جراحيًا في كثير من الحالات.


