الفرق بين عملية الساسي وتحويل المسار والتكميم

في زمنٍ أصبح فيه الوصول إلى الوزن المثالي حلمًا يراود الكثيرين برزت جراحات السمنة كحلولٍ سريعة وفعالة للتخلص من الوزن الزائد ومضاعفاته الصحية وبينما يزداد الإقبال على عمليات مثل التكميم وتحويل المسار، ظهرت عملية الساسي وبدأت تروج باعتبارها ثورة في عالم جراحات السمنة، تجمع بين مزايا العمليتين السابقتين في إجراء واحد، لكن هل الساسي فعلًا الأفضل؟ وهل نتائجها مضمونة كما يشاع؟ هذا ما سوف نتعرف عليه خلال السطور القادمة. 

عملية الساسي أو ما يعرف بـ”SASI” اختصارًا لـ Single Anastomosis Sleeve Ileal bypass والتي تعد من العمليات التي أثارت جدلًا واسعًا في مجال جراحات السمنة، حيث نشأت فكرتها عام 2015 على يد الدكتور طارق مهدي الجراح المصري المقيم في الإمارات وتم تصنيفها كواحدة من العمليات التجريبية التي لم تحصل على اعتماد دولي حتى اليوم.

 الفكرة الأساسية للعملية تقوم على الجمع بين التكميم وتحويل المسار، حيث يجرى تكميم للمعدة ثم يتم توصيل المعدة المكممة بالأمعاء، فيكون للطعام طريقان: طريق طبيعي عبر الاثني عشر وطريق مختصر عبر التوصيلة لذا تعرف أيضًا باسم “عملية ثنائي التقسيم”.

تجمع عملية الساسي بين مزايا عمليتي تكميم المعدة وتحويل المسار، حيث تقوم الجراحة على مرحلتين أساسيتين:

• أولًا، يتم تكميم المعدة أي تصغير حجمها عن طريق استئصال جزء منها لتقليل كمية الطعام التي يمكن تناولها.
• ثانيًا يجرى توصيل بين المعدة المكمّمة والأمعاء الدقيقة بحيث يتاح للطعام المرور من خلال مسارين: المسار الطبيعي عبر المعدة والأمعاء ومسار مختصر عبر التوصيلة الجانبية.

الجدير بالذكر أنه بالرغم الدعاية المكثفة لها في بعض الدول خاصة في مصر فإنها لا تزال تعد عملية تجريبية بحثية لم تعتمد دوليًا بعد، ويفضل أن تجرى داخل المستشفيات الجامعية فقط، كما يعود ذلك إلى تباين نتائجها من مريض لآخر ومشكلات تتعلق بسوء التغذية مما يجعلها غير موثوقة بالمقارنة مع العمليات المعتمدة مثل التكميم وتحويل المسار.

يؤكد دكتور أحمد يسري أن الفرق الجوهري بين عمليتي تحويل المسار والساسي يكمن في مسار الطعام وتأثير كل عملية على امتصاص العناصر الغذائية، ففي تحويل المسار الكلاسيكي يتم تجاوز جزء كبير من الأمعاء مما يؤدي إلى تقليل امتصاص السعرات والعناصر الغذائية، كما أنه يستلزم تناول الفيتامينات مدى الحياة. 

أما في عملية الساسي فيظل الطريق الطبيعي مفتوحًا مما يسمح بامتصاص جزئي ويقال إن المريض قد لا يحتاج إلى فيتامينات دائمًا لكن هذا الأمر محل جدل كما أن تحويل المسار معتمد دوليًا وله نتائج طويلة الأمد واضحة بينما الساسي لا تزال تجريبية ونتائجها متباينة.

رغم التشابه الظاهري إلا أن عملية الساسي والسادي أس (SADI-S) يختلفان في تفاصيل تقنية دقيقة، فالسادي أس يتضمن أيضًا تكميمًا للمعدة لكنه يتضمن تجاوزًا أكبر للأمعاء مما يؤدي إلى امتصاص أقل للطعام ونزول أسرع في الوزن لكنه يرتبط كذلك بزيادة خطر سوء التغذية، في حين أن الساسي يعتبر “حل وسط” بين التكميم وتحويل المسار ويتيح جزءًا من الامتصاص إلا أن هذه الميزة قد تكون سلاحًا ذا حدين لأنها تخلق تضاربًا في النتائج من مريض لآخر.

رغم ترويج بعض الأطباء للساسي كحل سحري يجمع بين مميزات التكميم وتحويل المسار إلا أن عملية الساسي لا تخلو من أضرار ومشاكل، ومنها:

• حتى الآن لا توجد دراسات كافية تؤكد نجاح العملية على المدى البعيد، بخلاف تحويل المسار الكلاسيكي الذي أثبت فعاليته لعشرات السنين.
• نظرًا لأن مسار الطعام منقسم يصبح من الصعب على الطبيب تحديد مصدر أي مشكلة تحدث (هل من الجزء الطبيعي أم من الجزء المتجاوز؟).
• بعض المرضى اشتكوا من ثبات الوزن أو عودته بعد فترة، بعكس المتوقع في عمليات التحويل المعتمدة.
• بما أن المعدة تكمم في العملية فهناك خطر لعودة مشكلة الارتجاع خاصة إذا لم تكن التوصيلة مصممة بدقة.
• عدم اعتمادها من المنظمات الدولية مثل الـASMBS ما يجعل كثيرًا من الأطباء يحذرون منها.

اقرأ أيضًا: أبرز عيوب عملية الساسي

يجيب دكتور أحمد يسري أنه لم تحصل عملية الساسي على اعتماد من الجمعيات الطبية العالمية مثل الجمعية الأمريكية لجراحة السمنة والتمثيل الغذائي (ASMBS)، كما أنها لا تدرس بشكل رسمي ضمن الزمالات العالمية وهذا يعني أن من يجريها يتحمل مسؤولية شخصية وأن نتائجها لا تكون مضمونة لذا ينصح دكتور أحمد دائمًا باللجوء إلى العمليات المعتمدة والمعروفة بنتائجها مثل تحويل المسار المصغر أو الكلاسيكي.

يوضح دكتور أحمد يسري أن تكلفة عملية الساسي تختلف تبعًا للعوامل التالية:

• خبرة الجراح وسمعته.
• مستوى المستشفى أو المركز الطبي.
• نوع الأدوات المستخدمة (خاصة الدباسات).
• باقة المتابعة الطبية بعد العملية (تحاليل، زيارات، أدوية).

الجدير بالذكر أنه بالرغم أن هذا السعر مماثل تقريبًا لتحويل المسار المصغر إلا أن التحويل أكثر اعتمادًا وانتشارًا ونتائجه موثقة طبيًا.

من خلال التجارب يؤكد دكتور أحمد يسري أن أن عملية التكميم تعتبر أكثر أمانًا واستقرارًا من عملية الساسي، فالساسي عملية تجريبية ما زالت نتائجها متضاربة وغير معتمدة دوليًا، وتسبب في بعض الحالات سوء تغذية شديد قد يؤدي إلى الوفاة خصوصًا إذا تمت التوصيلة بشكل خاطئ أو على مسافة غير مناسبة من الأمعاء.

في المقابل تكون عملية التكميم أكثر بساطة وانتشارًا ونتائجها معروفة ومجربة على نطاق واسع، كما إنها تتفادى المشاكل الكبيرة الممكن حدوثها في الساسي مثل الارتجاع أو متلازمة الإغراق أو سوء الامتصاص الشديد.

يؤكد دكتور أحمد يسري أن معدل نزول الوزن بعد الساسي يختلف بشكل كبير من شخص لآخر إذ إن نتائج العملية متضاربة، فقد لوحظ أن بعض المرضى يخسرون وزنًا زائدًا عن الحد ويدخلون في حالات من سوء التغذية الخطير بينما يعاني آخرون من ضعف واضح في نزول الوزن وأحيانًا يعود الوزن إلى ما كان عليه في فترة قصيرة. 

يؤكد دكتور أحمد يسري أن الوزن قد يعود بعد الساسي وذلك لأن الوصلة (التوصيلة) التي تجرى بين المعدة والأمعاء قد تفقد تأثيرها مع مرور الوقت مما يجعل العملية تعمل كتكميم فقط دون تأثير تحويل المسار، وبالتالي فإن الجسم قد يستعيد الوزن تدريجيًا خاصة إذا لم يلتزم المريض بالنظام الغذائي ونمط الحياة الصحي بعد الجراحة.

خضت تجربة عملية الساسي مع دكتور آخر بعد أن شوهدت كما هائلًا من الدعاية التي تروج لها باعتبارها “جوكر” عمليات السمنة، وقيل لي إنها لا تسبب عودة في الوزن ولا تحتاج إلى فيتامينات مدى الحياة ولكن مع مرور الوقت بدأت تظهر علي أعراض سوء تغذية شديدة واضطررت للخضوع لعملية أخرى لفك التوصيلة والإبقاء فقط على تكميم المعدة حفاظًا على حياتي وعلمت بعد ذلك أن هذه العملية ما تزال تجريبية ولا تجرى إلا في المستشفيات الجامعية خارج مصر وأن نتائجها متضاربة وتعتمد على أمور دقيقة كطريقة عد الأمعاء ومكان التوصيلة، تجربتي كانت صعبة وأدركت أن ما يروج له ليس دائمًا الحقيقة، وأن الأمان الطبي يجب أن يأتي أولًا قبل أي وعود بنتائج مثالية. 

اقرأ ايضاً

• تفاصيل عملية تكميم المعدة 
• من هو دكتور أحمد يسرى